تشكو إحدى السيدات من وجود حول للعين اليمنى ناحية الأنف لطفلها الذى يبلغ من العمر عاما، وقد لاحظته بعد حوالى 6 أشهر من الولادة، وهل يمكن العلاج بالأدوية أم لابد من التدخل الجراحى؟
يجيب الدكتور إيهاب سعد أستاذ طب وجراحة العيون بالقصر العينى مدير مستشفى دنيا العيون قائلا:
خلق الله العينين بحيث تمثل كل منهما كاميرا تستقبل الصورة كل عين على حدة، بحيث يستطيع الإنسان أن يرى إذا ما أغلق العين الأخرى ويستقبل المخ الصورة المتكونة من كل عين كصورتين بهما بعض الاختلاف يتم دمجهما معا فى صورة أحادية ثلاثية الأبعاد ليتمكن من الرؤية بوضوح.
وتعتبر القدرة على دمج الصورتين فى صورة واحدة هى الحافز لإبقاء حركة العينين بالتوازى وبدون انحراف "حول" ويتم ذلك بواسطة تحكم المناطق المركزية بالمخ، عن طريق أعصاب العين بالعضلات حول العين بمنظومة بديعة تحافظ على حركة العينين متوازيتين بدون انحراف ويكون الحافز الأساسى لذلك.
هو سقوط الصورة على مركز الأبصار بالشبكية بوضوح فى كل عين على حدة وأسباب انحراف العين أو الحول تنقسم إلى الشعور النفسى، بأن العين بها حول وهو ما يعرف باسم الحول الكاذب أو الحول الحقيقى والذى ينقسم إلى حول خفى أو متقطع يظهر فى بعض الأحيان أو حول حقيقى ناتج عن ضعف فى مراكز التحكم العضلى فى المخ أو شلل الأعصاب المغذية للعضلات أو عدم وضوح الرؤية فى إحدى العينين أو كلاهما والحول الكاذب.
والذى فيه يكون إحساس الأم أن طفلها يعانى من الحول وهو فعليا لا يعانى من الحول ومن أشهر أسبابه عدم نمو عظام الأنف مع وجود زوائد جلدية تكسو الزاوية الداخلية للعين، مما يعطى انطباعا لوجود حول وينتهى هذا الانطباع بنمو عظمة الأنف وانحسار الزوائد الجلدية مع نمو الطفل، ومن الأسباب الأخرى للحول الكاذب وجود قصر نظر شديد عند الولادة.
أما الحول الحقيقى فيظهر عادة بعد الثلاثة أشهر الأولى من ولادة الطفل، حيث تعتبر هذه الفترة حيوية فى استقبال الصورة فى كل عين وتجميعها فى مراكز المخ لتكوين منظومة الإبصار عند الطفل، فإذا ما حدث أى مشكلة فى استقبال الصورة مثل عتامات خلقية فى العين.
مثل عتامات القرنية أو وجود مياه بيضاء أو حدوث أمراض بالشبكية أو عيوب خلقية بالعصب البصرى والشبكية أو أخطاء الانكسار كطول النظر الشديد أو قصر النظر الشديد، حيث يؤدى حدوث حول حقيقى دائم تتجه فيه العين ناحية الأنف تعبيرا عن عدم وضوح الرؤية لهذه العين.
ويتم معرفة السبب الحقيقى عند فحص الطفل، حيث يتوجب الفحص الشامل للعين وفحص قاع العين وقياس ضغط العين وفحص الشبكية لمعرفة الأسباب المرضية للحول ويتم علاجها حسب السبب وفى حالات طول أو قصرا لنظر الشديد يتم عمل نظارة طبية بمواصفات خاصة بالطفل، بحيث يكون إطار النظارة كبيرا حتى لا ينظر الطفل من فوق النظارة أو أسفلها.
وقد تعالج النظارة الطبية الحول تماما، وينتهى بذلك أعراض الحول ويتم متابعة نمو عين الطفل وتغيير النظارة كل ثلاث إلى أربعة أشهر إلى أن يتم الاستغناء عنها تماما عند بلوغ سن 11 أو 12 عاما، بحيث تمثل النظارة فى حالات طول النظر الشديد العلاج الوحيد للحول، وقد يحتاج فى بعض الحالات الطفل إلى إجراء جراحة برغم لبس النظارة الطبية لعلاج الجزء المتبقى من الحول إذا وجد مع استمراره فى لبس النظارة والمتابعة.
ولا يوجد أى أدوية يمكن أن تعالج الحول ومن المهم الإشارة إلى أن حول العين فى اتجاه دائم يعكس ضعف فى الإبصار وكسل بالعين، حيث يلغى المخ الصورة استقبال الصورة المهزوزة من العين التى تعانى من الحول وهو ما يعرف باسم الكسل الوظيفى فيطلب الطبيب المعالج فى هذه الحالة من الأم تغطية العين السليمة كاملة عدد من الساعات يوميا لمدد مختلفة لإجبار المخ على استقبال الصورة من العين الضعيفة.
وتحسين النظر بها، وينتج عن ذلك ما يعرف باسم الحول التبادلى حيث يستخدم الطفل كلتا عينية فى النظر، بحيث لا يعرف الأهل أى عين مصابة بالحول مما يعكس بان قوة الإبصار بالعينين متقاربة وينتج عن الجراحة فى هذه الحالة تحسن فى شكل العين مع الاحتفاظ بالنظر فى حالة وظيفية جيدة بالعينين أيضا.
أما بالنسبة لاستخدام الجراحة فى علاج الحول، فيؤكد الدكتور إيهاب أنه يجب على الأم عدم تأخير قرار الجراحة إذا ما اتخذه الطبيب المعالج، حيث من الممكن إجراء الجراحة قبل عام من عمرة إذا ما لزم الأمر لإعادة الإبصار إلى طبيعته فى مرحلة مبكرة من عمر الطفل حيث تتم الجراحة بمخدر عام مناسب للأطفال.
ويتعامل الطبيب المعالج مع العضلات حول العين دون المساس بالعين من الداخل، حيث يتم تقوية أو إضعاف العضلات حسب زاوية الحول واتجاهه وبعد إجراء الجراحة، حيث يتم متابعة الحالة على المدى الطويل للتعامل مع أى مستجدات أخرى تحدث أثناء نمو الطفل وتداركها فى مرحلة مبكرة.
وتنصح الأم ببذل كافة المحاولات للتغلب على كسل العين الوظيفى بغلق العين السليمة، حسب توجيهات الطبيب المعالج، حيث ينجح ذلك عند الالتزام به فى إصلاح قوة الإبصار فى العين الضعيفة قبل 8 سنوات من عمر الطفل ويصعب علاج الكسل الوظيفى بعد مرور 8 سنوات من عمر الطفل.
الكاتب: أمل علام
المصدر: موقع اليوم السابع